الأمل
اذا تمادى الزمان
في الظلم و الهوان
فأخبره أن الفرج
من الصابرين
داني
و ذكره
بمرض يعقوب
حين قال :
إني متيقن
أن ربي سيزيل عني
ما به ابتلاني
و أخبره
أنه حتى لو إلى الجحيم
أو درك الويل
رماني
رحمة ربي موجودة
في أي شبر
في كل ما على الأرض
من عبر
و كل ما خط شاعر
في دواينه
بريشة و حبر
فلا تقنطوا منها
فهي و رب البيت موجودة
لكنها خبيئة
تتحين فرصة للظهور
قبل فوات الأوان
فلا تتعبوا أنفسكم
و تبحثوا عنها
فهي في ظلمة الليل
ستخرج
رغم أنفه
هكذا كهدية
أو طائر سمح
يحط على كتف
من لا مكان ..!
أبصرت الأمل
فارسا نبيلا
بوجه ملائكي
و عينان
يحلق في سمائنا
محمول على حدق حسان
يصول و يجول
باحثا عن خائف
يلقي إليه بالأمان
باحثا عن يتيم
ليعوضه عن حضن أمه
و الحنان
باحثا عن مؤمن
في بيت الله قائم
يصلي و يدعو
يمني نفسه بالجنان
فيقترب منه
و يهمس له :
جعلت فداك
اطلب ما تشاء
من الكريم المنان
اطلب ما تشاء
فإن لك بدعائك
بإذن ربك
جنى الجنتين دان ..!
أثناء تجواله
يسمع حوارا
بين اليأس
و شيخ عانى الأمرين
من غدر الدنيا
و الخذلان
يحدث الشيخ نفسه :
لماذا لا أعيش
حياة بسيطة
كأي انسان
فيفرح اليأس بهذه الفريسة
و ينطق كصاحب السوء :
صدقت فليست حياة
تلك التي تخلو من خير الأقاصي
و الأداني
يرد الشيخ :
ليتني عشت يوما فقط
ماله في الدهر ثاني
يجيب اليأس :
الأمر بيدك
إن شئت أنهيت حياتك
بكل سهولة و اتقان
يطرب الشيخ لهذه الفكرة
و لكنه يتردد
فيصر اليأس و يشجعه
و يبذل قصارى جهده
و قلبه يرقص فرحا
يمني نفسه أن خططه
سوف يكتب لها النجاح
على التوالي
فيتدخل فارسنا النبيل :
حسبك
لا تلق بنفسك
إلى الهلاك و الخسران
ويحكما
يا من برحمة ربكما
تكذبان
و أثناء حوارهما
ككبش الفداء
علا صوت الأذان
يوجه الفارس بصره للشيخ :
قم و لب نداء الأذان
قم و اشك ما عندك
حين تقف بين يدي ربك
و هل كمثلهما يدان
هناك سوف تجد
ما تشاء و تطلب
و استعن بدعائك
على هذا الزمان
فيذهب الشيخ
و نفسه تغني
أجمل الأغاني
فيطمئن الفارس
و يوجه نظره لليأس :
ويحك أيها المتعالي
لا تفتخر يوما بصنيعك
لا و لا تغرنك الأماني ..!
يآيها الفارس
لماذا أراك تركتنا
هل مللت منا
أم أنك من البداية
كنت عندنا في مهمة
تعد لانتهائها
الدقائق و الثواني
لماذا لم أعد أراك
في كل فجر
و كل زهرة تتفتح
في بستان
لماذا لم أعد مثل الماضي
أشم عبيرك
في كل مكان
أرجوك أن تعود
فغيابك عنا
طوال هذه السنين
غضب رباني
لسنا أطيق بغيابك ذرعا
و لم يعد بقلبي متسع
لمزيد من الصبر و السلوان
أرجوك تعال
فقد صرخ كل حي
في غيابك من العذاب
كفاني
أترى هل كنت وهما
فجأة اعتراني
لا أظن ذلك
فعندي على وجودك
ألف دليل و برهان
حتى أنك موجود
قبل وجداني
أدرك أنك
لا يمكن أن تلاقي حبنا لك
بالنسيان
أنت و لا بد ميت
لكني أدرك أنك لا تموت
فيا سيدي الأمل
قم من سباتك
انفض التراب عن وجهك
و ابعث نفسك
مما تبقى من رفاتك
و لا تخيفنا دورا ثاني
يا سيدي الأمل
خذ هذي وثيقة الأرض
أمسكها و قم فورا
لتعلن استقلالك
و تقيم دولتك الجديدة
ذات الأمجاد التليدة
فوق أنقاض اليأس
و ركام الذل
و اهدم ما بنى طوال غيابك
من حصون و قلاع
و مباني ..!